الخميس، 29 ديسمبر 2011

كيف تخطئ وكيف تصيب ؟! ~

بسم الله الرحمن الرحيم ..

مدخل :

عندما تناقش أحد معلميك عن خطئٍ ارتكبه في مادته ستلاقي - غالباً - ردة فعل سلبية من المعلم ..

ليس لأنك لست على حق ، بل لأنك قد ضربته في معقل ثقته بنفسه أمام الطلاب ..

وأحياناً قد تقول لأحدهم أنك مخطئٌ في قولك أو عملك ، ولكن لا تلاقي - غالباً - ردة فعل إيجابية !

ليس لأنك لست على حق ، بل لأن من تواجههم لم يستشعروا بشريتهم !

أحياناً تحدث هذه المواقف مع الأب أو الصديق ..

وأحياناً يقول لك أحدهم أنك أخطأت في عملك أو قولك وتغضب وتستنكر قوله ذاك ..

ليس لأنه ليس على حق ، بل لأنك لا تحب أن تكون مخطئاً ..!

لذلك فكرت في أن أكتب موضوعاً بسيطاً عن فلسفة الخطأ .. أو بمعنىً آخر : كيف تخطئ وكيف تصيب ؟!

صلب الموضوع :~

تتجلى معرفة تلك الفلسفة في مقولة لخصها الإمام الشافعي بقوله :

" قولي صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب " .

فبمجرد فهمك لهذا المبدأ الشافعي العظيم ستكون بلغت معرفة كثير في هذه الفلسفة ..

عندما أبحث في نفسي عن تفسير لهذه الكلمات ، أجدني أفسرها بـ :

أن الإنسان يجب عليه أن يثق بنفسه ثقة علمية لا ثقة جاهلة " والتي تكون : تمسك بالرأي دون معرفة أي بعد لهذا الرأي " ..

لكن إذا أردت أن تطبق هذه الكلمات فيجب عليك أن لا تدخل في نقاش يتحدث عن موضوع ما إلا وقد احتوى عقلك على كثيير من الأبعاد حول هذا الموضوع ..

حينها يجب عليك أن تكون واثقاً من كلامك ثقة عليمة كما ذكرت سابقاً ..

وتدمج مع هذه الثقة شيئاً قليلاً من احتمالية الخطأ ، لأنك مهما علمت من الأشياء فلن تتغير عن هيئتك البشرية ولن تصبح ملكاً في يوم من الأيام مهما احتوى عقلك من الإدراك ..

وبعدها تنتقل للطرف الآخر .. بحيث - إن كان يخالف رأيك مخالفة تامة - تكون على ثقة من خطئه .. " لأنك كما ذكرنا سابقاً قد احتويت كثيراً من أبعاد الموضوع "

وتدمج مع ثقتك بخطئه احتمالية بسيطة بكونه مصيباً " للسبب المذكور سابقاً " ..

بعدها سيكون تقبلك لخطئك ممتازاً ، ويكون تقبلك لصوابك معتاداً ..

فإن كنت مصيباً في قولك ، لن تغتر بنفسك لأنك قد رسخت في عقلك أنك على حق منذ البداية ..

وإن كنت مخطئاً في قولك ، فلن يكون صعباً عليك التعلم لأنك قد زرعت في عقلك منذ البداية أيضاً أنك قد تكون على خطأ ..

وبالنسبة لردة فعلك تجاه الطرف الآخر :

إن كان مخطئاً ، فلن تحتقره في داخلي نفسك لأنك كنت واثقاً من كلامك وأنه على خطأ ولن يؤثر ذلك في تعاملك معه أو التقليل من شأنه .

أما إن كان مصيباً ، فهذ لن يزعزع قراراة نفسك أو ثقة بنفسك لأنك كنت قد رسخت في عقلك مبدأ أنك بشري قد يحتمل قولك الخطأ أو الصواب ..

وبهذا تكون قد تعلمت مبدأً من أهم مبادئ أساليب النقاش ، وتعلمت أيضاً فلسفة الخطأ وكيفية التقليل من خطورة تأثيرها على ثقة بنفسك ..

في الختام :

لقد لاقيت الكثير من الاتهامات بالغرور لأنني أتغنى بكلمات الشافي - رحمه الله - تلك ..

ولكني أظن أن من سيقرأ كلامي هذا ستتغير نظرته كلياً عن تلك النظرية الرائعة ..


ملحوظة :- أعتذر عن الغياب الطويل ، وبإذن الله سأعود أفضل مما كنت..



انتهى ~

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق